جيل يفمان | باقة الغريب


في أعماله، يتناول جيل يفمان قضايا الجندر والذاكرة والجسد باستخدام مواد لينة وتُقنيات مرتُبطة بالأشغال اليدوية التقليدية. إحداها هي حرفة الحياكة. في نظره، هذه ليست مجرد عملية مادية، بل هي لفتة جسدية اجتماعية. «تُبدو لي الحياكة كالكتابة، وخيط الصوف يشبه خيط الفكر. إن مادية وألوان المحبوكات الناعمة والجذابة تُخلق إغراًء غير عادي يكشف عن مضامين صعبة، واستخدام الصوف يضفي على هذه المضامين بعًدا إضافًيا، حتى بين الأجيال».1
العمل الفني «باقة الغريب» تُم إنشاؤه بمشاركة حائكات وحائكين خلال سلسلة من لقاءات الحياكة التي بادر إليها الفنان بالتعاون مع المراكز الجماهيرية في جنوب وشرق المدينة: كريات شالوم، نحلات يتسحاق، فلورنتين، حي هتيكفا ومتحف المدينة نفسه. تُم ربط العناصر الزهرية التي تُم حياكتها مًعا لإنشاء إكليل معلق من السقف يمتد فوق زوار المعرض. يشير الإكليل إلى أكاليل الزهور الموضوعة في مراسم الجنازة وأيام الذكرى الرسمية، ولكن هنا يتجسد من خلال العمل اليدوي لشراكة وشركاء عشوائيين، قاموا بإنشائه مًعا بمادة ناعمة ولساعات طويلة من العمل المشترك. مستوحى من رؤية تُالي الأيام لإشعيا، يقترح يفمان تُجنيد ما يسميه «جيش من حائكي الضمير» لعمل فني مجتمعي - «ويحولون سيوفهم إلى خيوط ورماحهم إلى إبر حياكة».
إن الحركات المتكررة للوصل والفك تُخلق فضاًء شعرًيا وسياسًيا تُتشابك فيه الذاتُية والعامة، وتُندمج فيه العملية الخاصة في نسيج واسع، وتُصبح العلاقات الإنسانية التي نشأت في لقاءات الحياكة جزًءا من الناتُج النهائي حتى لو لم تُكن ظاهرة لعين المشاهد. وهكذا يفكك يفمان البادرة الوطنية-الرسمية ويقترح بدًلا منها طقًسا مجتمعًيا بديًلا: فضاء من الخلق المشترك، «غرفة عمليات من التعاطف»، على حد تُعبيره، لا يتشكل فيه نتاج فني نهائي فحسب، بل أيًضا نسيج حي من العلاقات الإنسانية - واقتراح لإعادة تُصور إمكانيات الذاكرة والإصلاح والحياة المشتركة في المدينة.
*1 دانا غيلرمان، ”كيفية تُحييد مادة متفجرة بواسطة قنابل“، ”كلكليست“، 2017.